وعلى كل قول: لا بدَّ أن يكون المعروف مع من لم يمنع الشرع من اصطناعه معه، فلا تجوز الشفاعة في حدود الله عند الحاكم، ولا الحماية من إقامة الحد كأن يشفع في سارق أنْ لا تُقْطَع يده، أو يمنع من قطعه وكذلك بقية الحدود.
وكذلك ليس من اصطناع المعروف أن تشفع في هذا الزمان في تولية القضاء والحكم والإمارة؛ إذ تعلم يقيناً أنَّ القضاة يمنعون الحكم، ويأخذون عليه الجُعَل، والأمراء يظلمون.
وليس من المعروف تحليل المطلقة، ولا السعي في تحصيل ما يسميه القضاة الآن محصولاً، ولا جهد المفتي في تحصيل وجه للمستفتي يحتال فيه على إضاعة حق الغير، أو التوصل إلى مال الغير بالباطل، فليس منه [ ... ] حية، أو عقرب، أو نحوهما وقد قدرت عليه؛ لأنَّ الشرع قد أمر أن تقتل الحيات والعقارب، وبقية الفواسق والمؤذيات.
وأما قصة ابن حمير فلعله لم يكن فقيهًا.
وكذلك لا يحتج بقصة مالك بن خزيم، ونحوها مما حُكي عن أهل الجاهلية.
وإنما نذكر هذه القصص ونحوها للاعتبار فقط، وإنما القدوة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده.
وقصة ابن خزيم رواها ابن أبي الدنيا في "اصطناع المعروف" عن