للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الباب أحاديث أخر.

وما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - عن جعفر - وإن كان ذلك بعد موته، وهو رضي الله تعالى عنه في البرزخ - فإن حال العبد في البرزخ مرتبةٌ على حاله في الدُّنيا، وقد كان جعفر في حياته كأنه ملك كريم، ولذلك أثَّرَتْ قراءته لسورة مريم بين يدي النجاشي في النجاشي، ومن عنده من الأساقفة والقسيسين حتى فاضت أعينهم من الدمع مما عرفوا من الحق (١) - وإن كان القرآن في نفسه كافياً في تأثير القلوب التي سبقت لها السعادة - فإن صدق المؤدي وتقواه مما يزيد في تأثيرها، ورُبَّ قاسي قلب لا يتأثر من سماع القرآن عمره حتى إذا سمعه من صادق تقيٍّ دُكَّتْ جبالُ نفسه وهواه لما تجلى في قلبه من كلام مولاه، فلعل جعفراً رضي الله تعالى عنه كان يشاهده الصادقون كما شاهد النسوة يوسف عليه السَّلام؛ فإنَّ من كان في مثل هذه الحالة لا يخفى في الغالب عن بصائر الصَّادقين.

كما روى أبو نعيم في "الحلية" عن كثير بن الوليد قال: كنت إذا رأيت ابن شَوذب ذكرت الملائكة عليهم السلام (٢).

وروى ابن السمعاني في "أماليه" عن الإمام أبي الفتح ناصر بن الحسين العمري قال: لم يكن في زمان أبي بكر القفال أفقه منه،


(١) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٨٠).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ١٣١)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٩/ ١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>