للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن أبي شيبة عن سليط بن عبد الله قال: قال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: رُوا بالخير ولا ترُوا بالشر (١).

أي: إذا كان لكم رأي فليكن مصحوباً بقصد الخير وإرادته، ولا يكن مصحوباً بإرادة الشر؛ أي: فليكن مستعملاً في الخير.

والباء بمعنى في؛ أي: استعملوا رأيكم في الخير، ولا تستعملوه في الشر؛ فإن الرأي في الحقيقة اجتهاد قد يقع فيه الخطأ، والخطأ في الخير فوات وفي الشر تفويت، والتفويت جناية بخلاف الفوات.

ويحتمل أنه ضمن الرأي معنى الإشارة بالشورى؛ أي: إذا كان لك شورى فلتكن بالخير؛ فإنها مصلحة، ولا تكن بالشر؛ فإنها غش وخيانة.

وروى أبو نعيم عن الأعمش رحمه الله تعالى قال: كنا نَعُدُّ أهل السوق شرارنا، وإنا لنعدهم اليوم خيارنا (٢).

ووجه ذلك: أنهم كانوا في صدر الإسلام وإقبال الدِّين يؤثرون التوكل ويقبلون على العبادة والعلم، فلما وهن كثير منهم وتعرض لمخالطة الملوك والأغنياء طمعاً فيما في أيديهم صار أهل الكسب والاجتزائية عما في أيدي الناس خيراً منهم، وكان أهل السوق إذ ذاك لهم اهتمام بالدين في معاملاتهم وأحوالهم.


(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٧/ ١١٨).
(٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>