للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكفاك شاهداً على ذلك: أن الله عَزَّ وَجَلَّ شبه نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالأسد، ولو لم يكن ذلك من أكمل الثناء وأبلغ المدح لم يشبهه به، وذلك في قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} [المدثر: ٤٩ - ٥١].

روى البزار بإسناد صحيح، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: القسورة: الأسد (١).

وروى الثعلبي عن ابن عباس قال: بلسان العرب: الأسد، وبلسان الحبشة: القسورة، وبلسان فارس: شير، وبلسان القبط: ارثا (٢).

قال السمرقندي في "تفسيره": وذلك أن الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت، فكذلك هؤلاء المشركون إذا سمعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ القرآن هربوا منه، انتهى (٣).

وقد يشير إلى ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: (٤٦)].

قلت: واختير لفظ القسورة في الآية لمناسبة رؤوس الآي، ولأنه


(١) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٣٢): رواه البزار ورجاله ثقات. ورواه الطبري في "التفسير" (٢٩/ ١٧٠)، وذكره البخاري (٤/ ١٨٧٤) معلقاً.
(٢) رواه الثعلبي في "التفسير" (١٠/ ٧٩).
(٣) انظر: "تفسير السمرقندي" (٣/ ٤٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>