للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشقاوة، ولذلك ذمَّ الله تعالى المقلدين لآبائهم في الكفر والمعاصي، والعادات المخالفة للحق في مواضع كثيرة من كتابه العزيز كقوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ} [البقرة: ١٧٠]؛ أي: أَوَ لَوْ كان آباؤهم مُلْحَقِين بالبهائم في الجهالة والضلالة يتبعونهم ويدعون الحق الذي أنزله الله تعالى.

وقالت العرب في المثل في عكس ما تقدم، وهو شبه الولد بأبيه في الشر: لا تلد الحية إلا حُيية (١).

وهو في معنى قول نوح عليه السلام: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٧].

وقال الشيخ قطب الدين القسطلاني: [من الطويل]

إِذا طابَ أَصْلُ الْمَرْءِ طابَتْ فُروعُهُ ... وَمِنْ عَجَبٍ جاءتْ يَدُ الشَّوْكِ بِالوَرْدِ

وَقَدْ يَخْبُثُ الفَرْعُ الَّذِي طابَ أَصْلُهُ ... لِيَظْهَرَ صُنع اللهِ فِي العَكْسِ وَالطَّرْدِ (٢)

واعلم أن الماجد إذا رغب في مجد أبيه فقد يكون ذلك لمقتضى طبعه، وقد يكون لتحرك نفسه للخير توفيقاً من الله تعالى، وهذا أفضل


(١) انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (٢/ ٢٥٩).
(٢) انظر: "طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي (٨/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>