للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوحشة آنسه بالخطاف، فلذلك لا تفارق الخطاطيف بني آدم، وفيه إشارة إلى حفظ مودَّة الآباء وتوارث الحب.

روى الطبراني في "الكبير"، والحاكم وصححه، عن عفير رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الْودُّ يُتَوَارَثُ، وَالْبُغْضُ يُتَوَارَثُ" (١).

قلت: شاهد الأول ألفة الخطاف بني آدم، وشاهد الثاني عداوة الحية بني آدم كما علمت فيما تقدم.

الثالثة: روى البيهقي عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية التابعي - مرسلاً -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الخطاطيف، وقال: "لا تَقْتُلُوْا هَذهِ الْعُوَّذَ؛ فَإِنَّهَا تَعُوْذُ بِكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ" (٢).

الاعتبار في ذلك أنَّها لمَّا كانت عائذة بالناس نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها؛ فإنَّ من حق العوذ بنا أن تأمن من غيرنا، فكيف لا تأمن منا؛ فكيف إذا عاذ المؤمن بالله - عز وجل - واستجار به!

قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَاذَ بِاللهِ فَقَدْ عَاذَ بِمَعَاذٍ". رَواه الترمذي، وغيره، وتقدم في التشبه ببني إسرائيل (٣).


(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٧/ ١٨٩)، والحاكم في "المستدرك" (٧٣٤٣). قال ابن حجر في "الإصابة" (٤/ ٥١٤): فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي، وهو ضعيف.
(٢) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٣١٨) وقال: منقطع.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>