لأميره، وأنَّ للنحل آفات تقطعه عن عمله؛ منها: الظلمة، والغيم، والريح، والدخان، والماء، والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفتره عن عمله: ظلمة الغفلة، وغيم الشك، وريح الفتنة، ودخان الحرام، وماء السمعة، ونار الهوى، انتهى (١).
وروى أبو نعيم عن أشرس بن عبد الرحمن - وكان فاضلاً - عن وهب رحمه الله تعالى قال: مر عابد براهب، فأشرف عليه، فقال: منذ كم أنت بهذه الصومعة؟
قال: منذ ستين سنة.
قال: وكيف صبرت فيها ستين سنة؟
فقال: من آفات الدنيا.
ثم قال: يا راهب! كيف ذكرك للموت؟
قال: ما أحسب عبداً يعرف أنه لا يأتي عليه ساعة لا يذكر الموت فيها، وما أرفع قدماً إلا وأنا أظن أني لا أضعها حتى أموت، وما أضع قدماً إلا وأنا أظن أني لا أرفعها حتى أموت.
قال: فجعل العابد يبكي، فقال له الراهب: هذا بكاؤك في العلانية، فكيف أنت إذا خلوت؟
فقال العابد: إني لأبكي عند إفطاري فأشرب شرابي بدموعي، وآكل طعامي بدموعي، ويصرعني النوم فأبل مضاجعي بدموعي.
(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٥/ ٢٨).