ضرب فخذه، فلمَّا رأى يعقوب ما صنع به بطش به، فقال: ما أنا بتاركك حتى تسمينَي اسماً، فسماه إسرائيل، فلم يزل يوجعه ذلك العِرْق حتى حَرَّمَهُ من كل دابة (١).
فانظر كيف بعث الله هذا الملك فصرع يعقوب حتى أوجعه عِرقُ النَّسَا، فحرم بسببه كل عرق، ثم كان في تحريمه ابتلاء لبني إسرائيل من بعده، ومثل ذلك لا يتأتى فيه التشبه بالملك.
وكذلك بعث الله الملكين في سورة الخصوم إلى داود عليه السلام لامتحانه.
روى ابن جرير، عن ابن عبَّاس: أن الملك لما قال لداود: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ}[ص: ٢٣]، قال له داود: كنت أحوج إلى نعجتك منه، {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ}[ص: ٢٤] إلى قوله: {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}[ص: ٢٤]، ونسي نفسه - صلى الله عليه وسلم -، فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال ذلك، فتبسم أحدهما إلى الآخر، فرآه داود، فظن أنما فتن، {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}[ص: ٢٤] أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة
(١) وكذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٢٦٤) إلى عبد بن حميد.