للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْعَطَّار؛ إِنْ جَالَسْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ مَاشَيْتَهُ نَفَعَكَ، وَإِنْ شَارَكْتَهُ نَفَعَكَ" (١).

وروى الشيرازي عن أحمد بن عمر الوزان، قال: سمعت بعض النساء يقول: كنت أصيد على شاطئ البحر الظباء بالشَّرَك، فأقبل ظبي كبير له جمال وهيبة، فطمِعْتُ أن يقع في يدي، فلما نظر إلى الشَّرَك رجع عن الماء وخاف، ثم أراد الهجوم لما به من العطش، فلما عظم ذلك عليه طلع إلى ذروة الجبل، فبسط يديه ومد رجليه، ثم صرخ صرخة ففزعت من شدتها، فما كان إلا يسير حتى أقبلت سحابة فأمطرت حتى صار بين يديه بركة، فشرب من الماء وهو نائم، فتبت من الصيد.

قلت: وما في هذه القصة من إلهام هذا الظبي من التوجه إلى الله تعالى في حال الاضطرار إلى الماء وقد حِيل بينه وبينه حتى سأل الله تعالى فأجابه وأغاثه= كافٍ في إرشاد العبد في حال اضطراره إلى التوجه إلى الله تعالى بالدعاء، والتوسل بالالتجاء: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: ٦٢].

وهذا النوع من المعرفة أنفع شيء للعبد، وقد وقع التعريف به في غير موضع من كتاب الله - عز وجل -، لكن العارفين به قليل، والمهتدين به


(١) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٣٥٤١). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (ص: ٨٣): فيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>