للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظير ذلك ما ذكراه: أن الفهود الهرمة العاجزة عن الصيد لنفسها تجتمع على فهد فتي فيصيد لها كل يوم شبعها.

فلا ينبغي للعبد أن يكون أعجز من هذين الحيوانين، فيقصَّر في بِرِّ أبويه خصوصاً عند كبرهما، ولا في حق من يليه إذا كان في حال الكبر والعجز، أو الضعف.

وقد سبق في حديث كعب بن عجرة عن الشاب الذي بكر يسعى: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَىْ أَبَوَيْنِ كَبِيْرَيْنِ لِيَكْفِيَهِمَا فَهُوَ فِيْ سَبِيْلِ اللهِ" (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كرَمَ شَابٌّ شَيْخًا لِسِنَّهِ إِلَّا قَيَّضَ اللهُ لَهُ مَنْ يُكْرِمُهُ عِنْدَ سِنِّهِ". رواه الترمذي من حديث أنس (٢).

ومما يناسب هذا الفصل ما ذكره الدميري، والسيوطي أيضاً: أنَّ في طبع الكركي أنه يبر أبويه إذا كبرا.

قال كشاجم يخاطب ولده: [من الخفيف]

اتَّخِذ فِيَّ خُلَّةَ الكراكِي ... أتخِذْ فِيكَ خُلَّةَ الوَطْواطِ

أَنا إِنْ لَمْ تَبَرَّنِي تُعَنَّى ... فَبِبِرِّي تَرْجُو جَوازَ السِّراطِ

وخلة الوطواط، وهو الخفاش أنه يبر ولده، ولا يتركه بِمَضْيعة، بل يحمله معه حيثما توجه.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الترمذي (٢٠٢٢) وقال: غريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>