وإن كانت من أعمال الشر كالغيبة، والنميمة، والرياء، كان الاعتزال والانفراد عن أهلها متعيَّناً للعبد الصالح لدفعها عنه، وسلامته منها كما قال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
فالتعاون لا يحصل إلا بالاجتماع، فالتعاون المأمور به مأمور بالاجتماع له، والتعاون المنهي عنه منهي عن الاجتماع له لتلازمهما.
ومن ذلك الاجتماع بأهل السنة يؤدي إلى الموافقة فيها، والاجتماع بأهل البدعة يؤدي إلى الموافقة فيها.
ومن هنا يتعين الابتعاد عن أهل الضلالة والاعتزال عنهم خشية من الإضلال؛ فإنَّ من قاده أعمى فانقاد له من غير تحرز مما عسى أن يقع فيه يوشك أن يسقط، فيسقط وراءه وهو لا يشعر.
ولقد أنشد الأستاذ أبو القاسم القشيري في "إشاراته": [من السريع]
ولقد اتفق لي تحقيق ذلك كنت مرة في طريق منحدب وإليه طريق آخر، فخرج من الطريق الآخذ إليه أعمى يقود عمياناً نحو عشرين حتى صاروا على رصيف الطريق، ثم خرج وراءهم أعمى آخر يقود عمياناً آخرين نحو عشرين، فوالله لقد عشر الأعمى الأول من