للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل يوفيه ثوابه ولو بعد حين، ومن يصبر على نار جهنم ساعة واحدة؟

ولكن بادروا بالتوبة من هذه السيئة حتى تأمَنُوا العقوبة عليها، وتصيروا أحبَّاء الله؛ فإنَّ الله يحبُّ التوابين (١).

قلت: وهذه المعرفة التي أُلهمها سهل - رضي الله عنه - منتزعها من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنتهُ وَسَاءَتْهُ سَيئتهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ".

أخرجه الطبراني في "الكبير" من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه (٢).

بل أبلغ من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في دعائه: "اللهُمَّ اجْعَلْنيْ مِن الَّذِيْنَ إِذَا أَحْسَنُوْا اسْتَبْشَرُوْا، وإذَا أَسَاؤُوْا اسْتَغْفَرُوْا". رواه الإِمام أحمد، وابن ماجه، والبيهقي في "الشعب" (٣).

وذلك أنَّ الاستبشار بالحسنة، والاستغفار من المعصية مبنيٌّ على الرَّجاء من الله تعالى، وهو من نتائج الإيمان به وبقدرته، وجوده وسعة رحمته، بل والاستغفار قد يكون مستخْرَجًا بالخوف من الله تعالى، وهو من نتائج الإيمان, وقد أشار إلى ذلك الحديث المتقدم الذي يقول الله تعالى فيه: "إِذا أَذْنبَ الْعَبْدُ ذَنْبًا فَقَالَ: يَا رَبِّ! عَمِلْتُ


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١٠/ ٢٠٣).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) رواه الإِمام أحمد في "المسند" (٦/ ١٢٩)، وابن ماجه (٣٨٢٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٦٩٩٢) عن عائشة رضي الله عنها. قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (١/ ٢٧٠): رواه ابن ماجه، وفيه علي بن زيد ابن جدعان مختلف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>