للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ يَعْلَمُوْنَ" (١).

وأيضًا فإنَّ الله تعالى يقول: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [آل عمران: ١٣٣].

وليس للمؤمن طريق إلى المغفرة من حيث كسبه الذي يمكن تكليفه به إلا التوبة، فيجب عليه المسارعة بها.

وأيضًا فإنَّ الله تعالى لما خاطب جميع المؤمنين بالتوبة في قوله: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: ٣١] لم يوقِّت التوبة كما وقَّت الصلاة والصَّوم والصدقة، فوجب عليهم أن يُبادروا إلى امتثال أمره بالتوبة عقب كل ذنب لأنَّها طاعة لم توقَّت، وأمكن فعلها في الوقت، فتعيَّن صرفه لها.

قلت: والظاهر أنَّ فورية وجوب التوبة شريعة قديمة من عهد آدم عليه السلام، ألا ترى إلى قوله: {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: ٣٦، ٣٧]؛ أي: فتاب بتلك الكلمات، فتاب الله عليه؟ أتى بالفاء التعقيبية عقب الزلة، فدل على أن آدم عليه السلام بادر بالتوبة.

وأمَّا قوله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} [طه: ١٢٢] فهذا


(١) رواه اللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (٦/ ١٠٤٨)، وكذا الإِمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>