للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التراخي -إن سلم أنَّ ثمَّ للتراخي والترتيب - ليس بين توبة آدم وزلته، وإنما هو بين زلته وبين ظهور اجتباء الله له وتوبته عليه؛ فإنَّ آدم لما أُهبط إلى الأرض، وبادر إلى التوبة بكى زماناً طويلاً كما في الأثر حتى أوحى الله إليه بقبول توبته.

ويحتمل أنَّ ثم ترتيب الإخبار بالتوبة عليه، والاجتباء والهداية بعد الإخبار بالزلة، وعليه فلا يدل ذلك على تراخي التوبة عن الزلة؛ إذ لا يتحقق التراخي إلا بعد تحقق الترتيب.

وروى ابن أبي الدنيا، وعبد الله ابن الإِمام أحمد، واللالكائي عن عثمان بن زائدة رحمه الله تعالى قال: قال لقمان عليه السلام لابنه: يا بني! لا تؤخر التوبة؛ فإنَّ الموت قد يأتي بغتة (١).

ومن عجيب الاتفاق أنَّ من شعر البخاري أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل صاحب "الصحيح" رضي الله تعالى عنه كما رواه ابن حجر في ترجمته، وغيره: [من الخفيف]

اغْتَنِمْ في الفَراغ فَضْلَ رُكُوعٍ ... فَعَسى أَنْ يَكُونَ مَوْتُكَ بَغْتَةْ

كَمْ صَحِيحٍ رَأَيْتَ غَيْرَ سَقِيمٍ ... ذهبَتْ نَفْسُهُ الصَّحِيحَةُ فَلْتةْ (٢)

وكذلك كان موته بغتة، وذهبت روحه الكريمة فلتة، فقد قال


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "قصر الأمل" (ص: ١٢٢)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (٦/ ١٠٥٠).
(٢) انظر: "مقدمة فتح الباري" (١/ ٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>