للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا الحديث دليل على أن الملائكة عليهم السلام متعبَّدون بالاجتهاد.

وروى الطبراني في "الكبير" عن عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَنْزِلُ عَلَىْ قَوْمٍ فِيْهِمْ قاطِعُ رَحِم" (١).

والمراد ملائكة الزيارة والإكرام، فأمَّا ملائكة الحفظ، فإنهم ملازمون العبد كما سبق، وهذا منهم من باب هجران أهل العصيان.

وروى الترمذي، وأبو نعيم، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا كَذَبَ الرَّجُلُ كَذْبَة تَباعَدَ عَنْهُ الْمَلَكُ مِيْلاً مِنْ نتَنِ ما جاءَ بِهِ" (٢).

والمراد بهذا الملك الحافظ، وتباعدُه استقذارٌ لما أتى به صاحبه من الكذب.

واستقباح الكذب ونحوه من الأعمال السيئة، والأقوال الخبيثة، واستقذاره إنما يدرك بالسر، لا بالحواس الظاهرة، فهو أمر روحاني، والروح تدرك من نتن المعاني وقبحها ما يسهل عنده أقبح رائحة تدرك بحاسة الشم.


(١) كذا عزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ١٥١) إلى الطبراني، وقال: فيه أبو أدام المحاربي وهو كذاب. ورواه أيضاً البخاري في "الأدب المفرد" (٦٣).
(٢) رواه الترمذي (١٩٧٢) وقال: حسن جيد غريب، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>