للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَرَضَتْ لَهُ التَّوْبَةُ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَىْ راهِبٍ، فَأتاهُ، فَقالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتسعِيْنَ نَفْساً، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقالَ: لا، فَقَتَلَهُ وَكَمَّلَ بِهِ مِئَة، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَىْ رَجُلٍ عالِمٍ، فَقالَ: إِنَّةُ قَتَلَ مِئَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُوْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ؟ انْطَلِقْ إِلَىْ أَرْضِ كَذَا وَكَذا؛ فَإِنَّ بِها ناساً يَعْبُدُوْنَ اللهَ تَعَالَىْ، فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلا تَرْجِعْ إِلَىْ أَرْضِكَ؛ فَإِنَّها أَرْضُ سُوْءٍ، فَانْطَلَقَ حَتَّىْ إِذا نصَفَ (١) الطَّرِيْقُ أَتاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيْهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلائِكَةُ الْعَذابِ، فَقالَتْ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جاءَنا تائِباً مُقْبِلاً، وَقالَتْ مَلائِكَةُ الْعَذابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ، فَأَتاهُمْ مَلكٌ فِيْ صُوْرَةِ أدَمِي، فَجَعَلُوْهُ بَيْنَهُمْ، فَقالَ: قِيْسُوْا ما بَيْنَ الأَرْضَيْنِ، فَإِلَىْ أَّيَّتِهِما كانَ أَدْنى فَهُوَ لَهُ، فَقاسُوْهُ فَوَجَدُوْهُ أَدْنى إِلَىْ الأَرْضِ الَّتِيْ أَرادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمةِ" (٢).

قلت: هذا الحديث موافق لقوله تعالى في الحديث القدسي:

"إن رحمتي تَغلِبُ غضبي" (٣).

ولا لوم على الملائكة في هذا الخصام؛ لأن كل طائفة منهم قائمة بأمر الله تعالى، ولو لم يختصموا لكانوا مقصِّرين فيما أُمروا به.


(١) في "أ": "أنصف".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>