للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدهم؛ أي: من حيث عموم الطبقة، لا من حيث خصوص الأشخاص كما اختاره ابن عبد البر من أنه لا مانع من أنه يكون في التابعين والمتأخرين من هو أفضل من بعض الصحابة الذين هم ليسوا من أفاضلهم (١).

ونقل القرطبي في "تفسيره": أن عمر رضي الله تعالى عنه قرأ: {وَالْأَنْصَارُ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ}، برفع (الأنصار)، وإسقاط الواو من (الذين) على أنه نعت للأنصار، فراجعه زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، فسأل عمر أُبَيَّ بن كعب رضي الله تعالى عنه فصدق زيدًا، فرجع إليه عمر، وقال: لقد كنا نرى أنا رفعنا رفعة لا ينالها معنا أحد، وفي رواية: كنت أظن أنا رفعنا رفعة لا ينالها معنا أحد، فقال أُبي رضي الله تعالى عنه: إني أجد مصداق ذلك في كتاب الله تعالى في أول سورة الجمعة: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: ٣]، وفي سورة الحشر: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: ١٠]، وفي سورة الأنفال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٧٥] (٢).

نعم، للصحابة رضي الله تعالى عنهم فضل اللُّقِيِّ والاجتماع بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، فمن تشبه بهم من بعدهم فإنما يكون منهم من حيث إنهم


(١) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (٢٠/ ٢٥١).
(٢) انظر: "تفسير القرطبي" (٨/ ٢٣٨)، وقد روى الطبري نحوه في "التفسير" (٨/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>