للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صالحون وشهداء وصدِّيقون، لا من حيث إنهم صحابة؛ لأنه لم يتشبه بهم في نفس الصُّحبة، وبذلك يتضح لك أن من تشبه بقوم في خصلة من خصالهم دون خصلة: أنه لا يكون منهم من كل وجه، وإنما يكون منهم من حيث الخصلة التي شاركهم فيها.

وتارة لا يكون المتشبه بقوم منهم حقيقة، وإنما يكون منهم بمعنى معهم، أو من أوليائهم، كما في الحديث: "مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِيْ فَلَيْسَ مِنِّيْ" (١)؛ أي؛ من أوليائي.

وفي الحديث أيضًا: "سَلْمانُ مِنَّا آلَ الْبَيْتِ" (٢)؛ أي: من أوليائنا. وكذلك قول طالوت: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩].

فالمتشبه بالأنبياء منهم بمعنى أنه يحشر معهم، أو يكون من أوليائهم، لا على معنى أنه منهم حقيقة فيكون نبيًا؛ فإن النبوة موهبة لا تدخل تحت الاختيار، ولأنها الآن خُتمت بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.

أو نقول (٣): المتشبه بالأنبياء عليهم السلام إنما يتشبه بهم في الأعمال والأخلاق، فهو منهم من حيث إنهم صالحون وصديقون ومتقون ومحسنون إلى نحو ذلك، لا من حيث إنهم أنبياء.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٦٠٤٠)، والحاكم في "المستدرك" (٦٥٤١).
(٣) في "أ": "يقول".

<<  <  ج: ص:  >  >>