للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى أبو نعيم في "الحلية"، عن سفيان الثوري رحمه الله قال: قال رجل لعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: أبقاك الله، قال: قد فُرِغ من هذا، فادع الله لي بالصلاح (١).

وفي كلام عمر بن عبد العزيز هذا، إشارة إلى أن الدعاء بالبقاء أو بطول العمر، كالضرب في حديد بارد؛ لأن هذا مما فُرِغ منه.

وفي "صحيح مسلم"، و"سنن النسائي"، وغيرهما عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قالت أم حبيبة رضي الله تعالى عنها: اللهم أمتعني بزوجي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَكِ سَأَلْتِ الله لآجالٍ مَضْرُوْبَةٍ، وَأيامٍ مَعْدُوْدةٍ، وَأَرْزاقٍ مَقْسُوْمَةٍ، وَلَنْ يُعَجّلَ شَيْئاً قَبْلَ أَجَلِهِ، أَوْ يُؤَخَرَ شَيْئا عَنْ أَجَلِهِ، وَلَوْ كُنْتِ سَأَلْتِ الله عز وجل أَنْ يُعِيْذَكِ مِنْ عَذابٍ فِيْ النَّارِ، أَوْ عَذابٍ فِيْ الْقَبْرِ، كانَ خَيْرًا وَأَفْضَلَ" (٢).

فإن كان المدعو له فاسقًا أو ظالماً، فلا يفيد الدعاء شيئًا، إلا أنه أفصح أن الداعي أراد بقاء الفاسق أو الظالم، والفسق والمعصية، وهذا ليس من شأن الصالحين، بل الطالحين.

ومن ثمَّ قال سفيان الثوري، كما رواه أبو نعيم: من دعا لظالم بطول البقاء، فقد أحب أن يعصى الله (٣).


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٦/ ٣٩٢)، وكذا رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٥/ ٣٨٢).
(٢) رواه مسلم (٢٦٦٣)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٠٠٩٤).
(٣) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>