للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالعمل الصالح هو الباقي؛ لأنه ما كان إلا لثواب الله في الآخرة ورضاه.

وقد قال تعالى: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٣١)} [طه: ١٣١]؛ أي: ما ادَّخره لك في الآخرة (١)، كما قال القاضي ناصر الدين البيضاوي أخذًا من قول السدي في الآية: أن المراد رزق الجنة (٢)؛ أي: رزق ربك في الجنة - وهو الثواب بعينه - خير وأبقى.

وقال تعالى: {وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (١٧)} [الأعلى: ١٧].

وقال تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ (٧٢)} [التوبة: ٧٢].

ولا شك أن الصالح ضد الفاسد، والفاسد هو الهالك الذي لا ينتفع به، وكل شيء هالك إلا ما أريد به وجه الله، كما عملت.

ومن صرف عمره في الأعمال الصالحات كمن جعل له وليُّه رأس مال، وأمره أن يتجر فيه، ويقلبه لأجل النمو والفائدة؛ فإن قلبه في طرق التجارة المنتجة للفوائد، كان صالحاً في ماله مصلحاً له، ولذلك قيل في الرشد: إنه صلاحية الدَّيْن والمال، وإن تركه بغير تقليب، أو قلبه في غير الطرق المنتجة للفوائد، ولا غنى له عن الصرف منه، فهو غير صالح لماله، ولا مصلح له، بل مفسد لرأس ماله، متلف له.

وكذلك عمر العبد رأس ماله الذي سلمه إليه ربه ووليه سبحانه


(١) انظر: "تفسير البيضاوي" (٤/ ٧٨).
(٢) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٥/ ٦١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>