للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابنه في "زوائده" عن أبي زرعة: أنه بلغه أن ابن محيريز دخل على تاجر يشتري ثوبًا، فقال رجل كان معه للتاجر: هذا ابن محيريز.

فقال: أف! إنما دخلنا نشتري بنفقتنا, ولم نشتر بديننا.

فخرج ولم يشتر شيئًا (١).

فانظر كيف لم يرض ابن محيريز بأن سامحه التاجر بشيء ما بسبب دينه وصلاحه، كما لم يرض ابن سيرين أن يقبل ما يعطاه بسبب ما يظن فيه من الخير حسماً لمادة النفوس عن الأطماع، وصيانةً للنفوس عن التعوض عن شيء من الدين بشيء من الدنيا، فكذلك ينبغي للصالح أن لا يترخص في شيء من ذلك وإن احتاج إليه من استطاع؛ فإن في الله عوضًا من كل فائت.

وروى أبو الحسن بن جهضم عن محمَّد بن أبي الورد قال: كتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط: بلغني أنك بعت دينك بحبتين؛ وقفت على صاحب لبن، فقلتَ: بكم هذا؟

فقال: بسدس.

فقلتَ: بثُمن؟

فقال: هو لك، وكان يعرفك (٢)!


(١) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٥/ ١٣٩).
(٢) ورواه الآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص: ١٠)، وانظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٢/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>