للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي العباس المرسي رحمه الله تعالى قال: عزم علينا بعض صلحاء الإسكندرية في بستان له بالرمل، فخرجت أنا وجماعة من صلحاء الثغر، ولم يخرج معنا صاحب البستان ذلك الوقت، بل وصف لنا المكان، فتجارينا ونحن خارجون في الكلام في الورع، وكلٌّ قال شيئًا، فقلت لهم: إن الورع من ورعه الله.

فلما أتينا إلى البستان -وكان زمن ثمرة التوت- كلهم أسرع إلى الأكل وأكل، وكنت كما جئت لآكل أجد وجعاً في بطني فأرجع، فينقطع الوجع عني، فعلت ذلك مراراً فجلست ولم آكل شيئًا، وهم يأكلون، وإذا بإنسان يصيح: كيف يحل لكم أن تأكلوا من ثمرة بستاني بغير إذني؟ فإذا هم قد غلطوا بالبستان، فقلت لهم: ألم أقل لكم: إن الورع من ورعه الله سبحانه؟

وقوله: "وَعافِنِي فِيمَنْ عافَيتَ"؛ قال سهل بن عبد الله رحمه الله تعالى: أجمع العلماء أن تفسير العافية أن لا يكل الله العبد إلى نفسه، وأنه يتولاه، وهو قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَكِلْنِي إِلَى نفسِي". رواه أبو الحسن بن جهضم.

وفي كلامه أن العافية تمام الولاية، وأول الولاية الهداية، فلذلك بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بطلب الهداية، ثم العافية، ثم الولاية في دعاء القنوت.

وسئل الجنيد عن العافية فقال: العافية واسطة بين الهداية والولاية.

قيل له: هل له في السنة أثر؟

<<  <  ج: ص:  >  >>