للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النار؛ قتل نفسه، فأعظم الناس ذلك (١).

فدل هذا الحديث أن من قتل نفسه، تعمداً، أو تعجلاً بالموت، فهو من أهل النار؛ أي: إلا أن يعفو الله تعالى عنه، فهو من أهل الجرائم الذين إن نجوا كان ذلك فضلاً من الله تعالى عليهم، لا من أهل الدرجات والمقامات كالشهداء.

نعم، من مات بفعل نفسه في الجهاد على سبيل الخطأ فإنه شهيد، بل له أجران لما في "الصحيحين" عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قال: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر، فكان سيف عامر به قصر، فتناول به ساق يهودي ليضربه، فرجع ذباب سيفه فأصاب ركبة عامر، فمات منه، فقلت: يا رسول الله! زعموا أن عامراً حبط عمله؟ قال: "مَنْ قَالَ؟ كَذَبَ مَنْ قَالَ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ؛ إِنه لَمُجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ" (٢).

وإنما لم يكن قتله لنفسه محبطًا لعمله كما زعموا؛ لأنه لم يتعمد قتل نفسه كما تعمد ذلك الرجل المذكور في حديث سهل المذكور.

فإن قلت: فإن العبد إذا طلب الشهادة، وقاتل ليقتل في سبيل الله فإنه يكون مأجورًا مع أنه اختار القتل؛ فما الفرق بينه وبين ما لو قتل نفسه اختيارًا؟

قلت: إن العبد إذا طابت نفسه بأن يقتل في سبيل الله، وجاهد


(١) ورواه البخاري (٢٧٤٢)، ومسلم (١١٢).
(٢) رواه البخاري (٣٩٦٠)، ومسلم (١٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>