للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: وفي الحديث وجه آخر، وهو أن دم الشهداء يكون [ ... ] سبب الحياة؛ أشار بها في قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩].

وفي قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (١٥٤)} [البقرة: ١٥٤].

وهذه حياة قاصرة على نفس الشهيد غير متعدية إلى غيره، وأما سيلان مداد العلماء على صفحات الطروس فإنه يكون سبب حياة [ ... ] العالم الكاتب بالعلم تعلماً وتعليماً، وحياة غيره كملت، وقد مضى في القرآن تسمية العلم والإيمان حياة في مواضع شتى [ ... ] قد يكون مداد العلماء سبباً بحياة [ ... ] إما [ ... ] أو شفاعته أو نحو ذلك.

وقد قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢)} [المائدة: ٣٢].

قال سليمان بن علي للحسن -يعني: البصري رحمه الله تعالى-:

يا أبا سعيد! أهي لنا كما كانت لبني إسرائيل؟

قال: والذي لا إله غيره ما كانت دماء بني إسرائيل أكرمَ على الله من دماءنا. رواه ابن جرير، وغيره (١).


(١) رواه الطبري في "التفسير" (٦/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>