للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولحصول القربة للعبد علامة في العبد، وعلامة من الله تعالى للعبد:

فأمَّا علامة القرب في العبد فمحبة لقاء الله تعالى، والطمأنينة بذكره لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَه". رواه الشيخان، وغيرهما من حديث عبادة، وعائشة - رضي الله عنهما - (١).

ولما ادعى اليهود ولاية الله والقرب منه امتحنهم الله بتمني الموت، وعرَّفهم أنهم لا يتمنونه، وأكذبهم بعدم تمنيه، فقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [الجمعة: ٦، ٧]؛ أي: من المعاصي التي هي سبب البعد والعداوة.

وقال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: ٩٤ - ٩٦].

ادَّعوا القرب فأكذبهم، وعرفهم أنهم غير مشتاقين إلى لقاء الله، ويؤثرون طول العمر على لقائه، ولو كانوا متقربين إليه لأحبوا لقاءه، فلما لم يحبوا لقاءه، وأحبوا البقاء في دار الدنيا، علم أنهم عملوا أعمالًا


(١) رواه البخاري (٦١٤٢)، ومسلم (٢٦٨٣) عن عبادة - رضي الله عنه -.
ورواه البخاري (٦١٤٢)، ومسلم (٢٦٨٤) عن عائشة رضي الله عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>