للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبيهقي بلفظ: "إِنَّما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ صالح الأَخْلاقِ" (١)؛ أي: لأستتمها.

أو نقول: في الحديث إشارة إلى أن مكارم الأخلاق - وإن كانت قد تخلق بها الأنبياء قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - كاحتمال نوح ويوسف، وصبر أيوب ويعقوب وزكريا، وسخاء إبراهيم، وشجاعة موسى، وحلم هارون عليهم السلام إلا أن الأخلاق الكريمة لم تتم إلا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ومعلوم أنها لم تتم به حتى تمت له، وما تممها لغيره حتى استتمها لنفسه؛ إذ محال أن يامر نبيٌّ ببر لا يعمل به.

وكذلك قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤].

ويوضح ما حررناه في ذلك: ما رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" من طريق جابر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ بَعَثَنِيْ بِتَمامِ مَكارِمِ الأَخْلاقِ، وَكَمالِ مَحاسِنِ الأَعْمالِ" (٢)، فقد علمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث استتم محاسن الأخلاق، وأتمها لأمته بما أمره الله تعالى به من الاقتداء بهدى الأنبياء عليهم السلام وبما زاده عليهم من الأخلاق والآداب والشرائع، فقد صار بذلك أكمل الأنبياء وأفضلهم، وصارت أمته أفضل الأمم وأتمهم شريعة، كما قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠].


(١) رواه البخاري في "الآدب المفرد" (٢٧٣)، والحاكم في "المستدرك" (٤٢٢١)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ١٩٢).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٦٨٩٥)، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٨/ ١٨٨): فيه عمر بن إبراهيم القرشي وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>