للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلوة، ثم جاء الشمس محمدٌ البابلىُّ، ثم بعد هُنَيَّةٍ جاء الشريفُ زيدٌ

صاحبُ مكةَ، فلما استقر بهم المجلس، تذاكروا أمر الساعة، فأخذ

الشمس البابلي في الكلام، فقال النجم بصوت مزعج، وقد جلس

على ركبتيه، وشرع يُورد أحاديث الساعة بأسانيدها وعَزْوها

لمخرِّجيها، ويتكلم على معانيها، حتى بَهَر العقولَ، وأطال في ذلك،

ثم لما فرغ، قال البابليُّ: تجيزونا يا مولانا! بما لكم؟ وكذلك

استجازه الشيخُ منصورٌ، والشريفُ زيدٌ، وأنا ومَنْ حضر، فأجازَ الجميعَ، ثم قدَّم لهم الشيخ منصور مِنْ عنده سماطاً، وأردفه الشريف زيدٌ بأشياءَ من المآكل، فلما فرغوا، انصرف الشيخُ النجمُ، وبقي البابلي، فقال للشيخ: سبحان الله! ما هذا إلا عن نبأ عظيم، فقال له الشيخ منصور: أنا كنتُ إذا رأيتُ كُتبَه وتصانيفَه أَعْجَبُ منها، وإذا اجتمعت به، لا يتكلم إلا قليلاً، فأَعْجَبُ من ذلك، ولكن الآن تحقَّقَ عندي علمُه وحفظُه، انتهى.

وكان قبل موته بست سنوات أو سبع سنوات اعتراه طَرَفُ فالِجٍ، فكان لا يتكلم إلا قليلاً، فعُدَّ هذا المجلسُ وكثرةُ الكلام فيه بالمناسب لِمَا هُم بصدده من غير توقُّف ولا تلعثُم كرامةً له، وهو محل الكرامة، فقد أخبر بعض الثقات: أنه سأل بعض الصالحين عن الأبدال بالشام، فعدَّ منهم ثلاثة، أحدُهم النجم.

وما اشتهر من أن سكوته بذلك العارض كان من الشيخ حسين بن فرفرة - كما ذكرناه في ترجمة الشيخ حسين - لا يقدح في ولايته كما

<<  <  ج: ص:  >  >>