ثم انطلقوا إلى خليج من البحر ما خيض قبل ذلك اليوم، فلم يجدوا سفناً، فصلى ركعتين، ثم قال: يا حكيم! يا عليم! يا علي! يا عظيم! أجزنا.
ثم أخذ بعنان فرسه، ثم قال: جُوزوا باسم الله.
قال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: فمشينا على الماء، فو الله ما ابتل لنا قدم، ولا خف، ولا حافر، وكان الجيش أربعة آلاف.
قال: فدعا الرجل بهما، فو الله ما خرجنا حتى خرجت البعوضة من أذنه لها طنين حتى صكت الحائط، وبرئ.
فاستقبل المنصور القبلة، ودعا بهذا الدعاء ساعة، ثم انصرف بوجهه إلي، وقال: يا مطرف! قد كشف الله ما كنت أجده من الهم.
وقد روى في صرح بخت نصر وموته روايةٌ أخرى، وذلك أن رجلاً صالحاً من بني إسرائيل أري في منامه، وكان قرأ قول الله تعالى لهم في كتابه:{لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}[الإسراء: ٤] إلى قوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا}[الإسراء: ٧] فقال: ربِّ! أما الأولى فقد فاتتني، فأرني الآخرة.
فأتى وهو قاعد في مصلاه قد خفق رأسه، فقيل له: الذي سألت عنه سائل مسكين، واسمه بخت نصر، فذهب إلى بابل بمال يقسمه على المساكين، فجعل يقسمه رجلًا رجلًا، حتى أتى على ذكر بخت نصر،