وكان أكثرهم فاقة، وهو مقعد في خيمة يحدث فيها، يمر عليه السارون فيلقي إليه أحدهم الكسر ويأخذ بأنفه، فأتاه فقال له: ما اسمك؟
قال: بخت نصر.
قال: أرأيت إن ملكت يوماً من دهر أتجعل لي أن لا تعصيني؟
قال: أي سيدي! لا يضرك أن لا تهزأ بي.
فأعاد عليه: إن ملكت مرة أتجعل لي أن لا تعصيني؟
قال: أما هذه فلا أجعلها لك، ولكن سوف أكرمك كرامة لا أكرمها أحداً.
قال: دونك هذه الدنانير، ئم انطلق فلحق بأرضه، فقام بخت نصر فاستوى على رجليه، ثم انطلق فاشترى حماراً وأرساناً، ثم جعل يستعرض تلك الأجم فيجزها، فيبيعه، ثم قال: إلى متى هذا الشقاء؟
فباع الحمار والأرسان، فاكتسى كسوة، ثم أتى باب الملك، وكان ملك بابل إذ ذاك يقال له: الفرخان، وكان كافراً، فجعل يشير عليهم بالرأي، وترتفع منزلته حتى انتهى إلى بواب الفرخان الذي يليه، فقال له الفرخان: ذكر لي رجل عندك فما هو؟
قال: ما رأيت مثله قط.
قال: ائتني به.
فكلمه، فأعجب به.
قال: إن بيت المقدس تلك البلاد قد استعصوا علينا، وإنَّا باعثون