ومن المشهور على ألسنة كثير من العوام: لعن الله اليهود، ثم اليهود، ثم أموات النصارى.
وليس هذا بحديث أصلاً، وإن وقع في فتاوى الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الحق المصري ما يوهم أنه حديث؛ فإني تفحصت عنه كثيراً فلم أجده، وسمعت بعضهم يوجهه: بأن النصارى لهم قرب من الإسلام، كأنه يستدل بقوله تعالى:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً}[المائدة: ٨٢] الآية.
قال: ولذلك يسلم منهم كثير بخلاف اليهود، فقد قال تعالى:{فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ}[البقرة: ٨٨].
وهذا فيه نظر لأن قوله تعالى:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى}[المائدة: ٨٢] إنما نزلت في النجاشي وأصحابه، وهم مسلمون (١).
ولأن اللفظ الجاري على الألسنة المذكور آنفاً يعارضه الحديث الصحيح المتقدم:"لَعَنَ اللهُ اليَهُوْدَ وَالنَّصَارَى"، فجمع بينهم في اللعنة لاجتماعهم في الكفر.
وقد قيل: إن كفر النصارى أشد من كفر اليهود.
نعم، روى عبد الكريم بن السمعاني في "تاريخه" عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا
(١) انظر: "تفسير الطبري" (٧/ ٢)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٤/ ١١٨٣).