للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كل ما شئت، واشرب ما شئت ما أخطأتك خصلتان: سرف، ومَخِيلة.

وروى الإمام أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وصحح عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده - رضي الله عنه -، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كُلُوا واشْرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا، والْبَسُوا في غَيْرِ مَخِيْلَةٍ وَلا سَرَفٍ؛ فَإِنَّ الله سُبْحانهُ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ" (١).

ومن ثمّ تعلم أن المبالغين في التنعم والتبسط في التلذذات في رمضان مفرطون مخالفون للحكمة التي شرع من أجلها الصوم من قمع الشهوة وكسرُ النفس، حتى إن أحدهم يأكل في رمضان من أنواع الطيبات ما لا يأكله في غيره، وربما صرف في رمضان ما لا يصرفه من أول السنة إلى آخرها غير رمضان، حتى إن بعض الجهلة ربما اشتاق إلى رمضان لا لأجل الصيام، ولكن لأجل ما اصطلح عليه الناس من الطَّيبات، فلا ينبغي للمتدين أن يهتم لنفسه في رمضان ما لا يهتم لها في غيره.

وإذا كان سرَّ الصَّوم كسرُ الشهوة ومجاهدة النفس لتنقاد للطاعة، فأي جدوى -كما قال حجة الإِسلام الغزالي في "الإحياء"- لتأخير أكلة، وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات الأُخر طول النهار؛ أي: ومع التأنق في تحسين المآكل والمشارب التي يستوفيها بعد


(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٨١)، والنسائي (٢٥٥٩)، وابن ماجه (٣٦٠٥)، وذكره البخاري (٥/ ٢١٨١) معلقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>