للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَفَعُو الِغَل"، فَمُسِحُوا قِرَدَةَ وَخَنازِيْرَ" (١).

واعلم أن الادخار لم يمنع منه في شريعتنا إلا لو كان على سبيل البخل والشح، أو على سبيل الاحتكار.

ثمَّ اللائق بمقام التوكل أن لا يدخر لنفسه شيئاً؛ فإن ادخر لعياله أو ليستريح من مشقة الاحتراف في كل يوم، ويتفرغ للعبادة، فلا يناقض التوكل.

نعم، ينبغي أن لا يزيد على قوت سنة؛ ففي "الصحيحين" عن عمر رضي الله تعالى عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعزل نفقة أهله سنة (٢).

والحاصل أن التوكل هو الثقة بالله، وتعلق القلب به لا بالأسباب من حرفة، أو تجارة، أو جراية، أو قوت مدخر، أو مال، أو منفق.

فمن تعانى هذه الأسباب، ولم يعتمد بقلبه عليها لأنها قد تتعطل وتهلك، وتعرض لها الآفات، بل كلما كان اعتماده على الله تعالى وكان تعلقه بالأسباب استناناً وابتغاء فقد قام في مقام التوكل، وحافظ على السنة.

وقد قال الإمام الجليل أبو محمَّد سهل بن عبد الله التستَري رحمه الله تعالى: من طعن في الحركة فقد طعن في السنة، ومن طعن في


(١) رواه الترمذي (٣٠٦١) موقوفًا ومرفوعاً، وقال: لا نعلم للحديث المرفوع أصلًا.
(٢) رواه البخاري (٥٠٢٤)، ومسلم (١٧٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>