للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال يحيى: كونوا عباد الله بأفعالكم كما زعمتم أنكم عبيد الله بأقوالكم (١).

ويؤيد قولَ يحيى بن معاذ قولُ عمر رضي الله تعالى عنه في الآية: ثم استقاموا بطاعته.

وفي رواية: ولم يروغوا -أي: عنها- روغان الثعالب. رواه الإمامان ابن المبارك، وأحمد؛ كلاهما في "الزهد"، وغيرهما (٢).

وإنما اشترط في الاستقامة المذكورة في الآية الدوام عليها إلى الموت؛ لأن الإنسان قد يستقيم البُرهة من الزمان على الأمر، ثم يحول عنه كما في الحديث: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى لا يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَها إِلَّا ذِرَاعٌ أَوْ بَاعٌ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُها" (٣).

وهذه الاستقامة هي المعنية في قوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا} [الجن: ١٦ - ١٧]؛ أي: لا راحة فيه.

قال عمر - رضي الله عنه - في قوله تعالى: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}: حيث ما كان الماء


(١) انظر: "التذكرة في الوعظ" لابن الجوزي (ص: ٩٦).
(٢) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ١١٠)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: ١١٥).
(٣) رواه البخاري (٣١٥٤)، ومسلم (٢٦٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>