للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لوْ كَانَ الْعِلْمُ -وفي رواية: الإِيْمَانُ- مَنُوْطًا بِالثرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ" (١).

وأما ما وقع في كلام الفرس قبل الإِسلام من الحكم والمواعظ فهذا من باب إلقاء الله الحكم من غير أهلها ليعتبر بها أهلها إذا وصلت إليهم، كما قد يلتقط المعتبرون الحكم من الجمادات والبهائم، ولذلك كانت الحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها.

وقالوا: لا تنظر إلى من قال، وانظر إلى ما قال.

وحكي عن عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: أنه مات له ابن فعزاه مجوسي تعزية فقال: ينبغي للعاقل أن يفعل اليوم ما يفعله الجاهل بعد خمسة أيام.

قال ابن المبارك: اكتبوا عنه (٢)؛ أي: وإن كان مجوسياً.

وأيضًا في إجراء الحِكَم على ألسنة بعض الفضلاء من الأعاجم في أيام كفرهم وجاهليتهم ما يستجر العقول إلى طاعة القواد والرؤساء، وما يدعو الرؤساء إلى الرفق بالمرؤوسين والرعايا، وبذلك عمارة الدنيا والبلدان، وبها تتم المظاهر الإلهية والأمور المرادة لله تعالى في البَرِيَّة، ومن هنا دونت العلماء من حكم الفرس وغيرهم مما سوى أهل الإِسلام ما دوَّنوه، وهو ما لا يحصى كثرة.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٤/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>