للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ زين العراقي في "شرح الترمذي": وأصرح ما يستدل به على عدم تحريم الوصال: ما رواه أبو داود بإسناد صحيح، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثني رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحجامة، والمواصلة، ولم يحرمهما إبقاءً على أصحابه، فقيل له: يا رسول الله! إنك تواصل إلى السحر؟ فقال: "إِنِّي أُواصِلُ إِلَىْ السَّحَرِ وَرَبِّي يُطْعِمُنِيْ، وَيَسْقِيْنِيْ" (١)، انتهى (٢).

قلت: وهنا أصل أصيل، وهو أن إدخال الطعام والشراب في الجوف إنما هو في الأصل مباح، وإنما يندب تعاطيه، أو يلزم إذا احتاج إليه الإنسان من حيث إنه يتقوت به، ويتحفظ به على حياته، فإذا أخذ الإنسان منه حاجته وكفايته لم يحسن في حقه أن يتناول زيادة عنها، بل إذا شبع منه حرم الزيادة عليه حذراً من الهلاك الذي من حذره ألجئ إلى استعمال الطعام والشراب إذا احتاج إليه، فإذا كان في عباد الله من


= أعدل الأقوال -: أن الوصال يجوز من سحر إلى سحر، وهذا هو المحفوظ عن أحمد وإسحاق لحديث أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر" رواه البخاري، وهو أعدل الوصال وأسهله على الصائم، وهو في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه تأخر، فالصائم له في اليوم والليلة أكلة، فإذا أكلها في السحر، كان قد نقلها من أول الليل إلى آخره، والله أعلم.
(١) رواه أبو داود (٢٣٧٤).
(٢) انظر: "طرح التثريب" للعراقي (٤/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>