للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطواف يسترضون ربهم، فرضي عنهم، وقال لهم: ابنوا لي في الأرض بيتاً يعوذ به كلُّ من سخطتُ عليه من خلقي، ويطوف حوله كما فعلتم بعرشي، فأغفر له كما غفرت لكم، فبنوا هذا البيت (١).

وروى الأزرقي عن القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم: أنه سئل عن بدء الطواف: لم كان؟ وأنَّى كان؟ وحيث كان؟ وكيف كان؟ فقال رضي الله تعالى عنه: أما بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تعالى قال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: ٣٠]، قالت الملائكة: أي ربِّ! خليفةً من غيرنا؟ ممن يفسد فيها، ويسفك الدِّماء، ويتحاسدون، ويتباغضون؟ ويتباغون؟ أي ربِّ! اجعل ذلك الخليفة منا؛ فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء، ولا نتباغض، ولا نتحاسد، ولا نتباغى، ونحن نسبح بحمدك، ونقدس لك، ونطيعك، ولا نعصيك، قال الله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠].

قال: فظنَّتِ الملائكة أن ما قالوه رد على ربهم عز وجل, وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رؤوسهم، وأشاروا بالأصابع يتضرعون، ويبكون إشفاقاً لغضبه، وطافوا بالعرش ثلاث ساعات، فنظر الله تعالى إليهم، فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله سبحانه تحت


(١) وانظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص: ١٧٨)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (٢/ ٣١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>