للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثل هذه الوصية لا تصح لأن النفاق معصية، ولأن النفاق أمر قلبي، ولا يسع أحد الاعتراف به، ولا يكاد المنافقون يعرفون بالتوسم، ولو عرفوا لم يعترفوا، وكأن الحجاج تأول ما في الحديث من تأييد الدين بالرجل الفاجر، ورأى أن تأييد دولة الوليد من تأييد الدين، ولذلك قال أبو جعفر: هذه والله الشيعة.

وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن طارق بن عبد الرحمن قال: وقع الطاعون بالشام، فاستغرقها، فقال الناس: ما هذا إلا الطوفان، ألا إنه ليس ماء، فبلغ معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، فقام خطيباً، فقال: إنه قد بلغني ما تقولون، إنما هذه رحمة من ربكم عز وجل، ودعوة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، وكفت الصالحين قبلكم، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك؛ أن يغدو الرجل منكم لا يدري أمؤمن هو أم منافق، وخافوا إمارة الصبيان (١).

وروى الفريابي عن معاوية الهذلي -وكان من الصحابة رضي الله تعالى عنهم- قال: إن المنافق ليصلي فيكذبه الله عز وجل، ويصوم فيكذبه الله، ويتصدق فيكذبه الله، ويجاهد فيكذبه الله، ويقاتل فيُقْتَلَ، فيجعل في النار (٢).

وفيه إشارة إلى أن القتل في الجهاد لا يكفر النفاق لأن المنافق


(١) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٤٠).
(٢) رواه الفريابي في "صفة المنافق" (ص: ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>