للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليهم الدنيا، ورد الأمر إليهم إنَّ اتبعوا دينه، فأقبلوا على الطّاعة وتركوا ذلك كله.

ولقد أحسن الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين سئل عن الفتوة فقال: ترك ما تهوى لِمَا تخشى (١).

والأمر الثَّاني: معاملة الخلق بالوفاء والإفضال -وَإِنْ قابلوه بالجفاء والحرمان- تعظيمًا لوجه الله تعالى.

ولذلك أجرى الله تعالى على ألسنة قوم إبراهيم -عليه السّلام- تسميته بالفتى في قولهم {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: ٦٠]، كان يعترفوا له بالفتوة في نفس اعتقادهم؛ لأنّ إبراهيم -عليه السّلام- كان يعاملهم بالوفاء بدعوتهم إلى الله تعالى تعظيمًا له، وعطفًا عليهم، وكانوا يعاملونه بالجفاء جهالة بالله تعالى، وتفضيله إبراهيم عليه السَّلام، ومن ثَمَّ شهد الله تعالى له بالوفاء في قوله تعالى: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: ٣٧]، ليدخل في الفتوة - على ما بيناه - جميعُ العبادات والتطوعات، والإيثار والإحسان، وقضاء حوائج الإخوان، والعفو، واحتمال الأذى، وغير ذلك.

وقد أشارت إلى ذلك الفاضلة الكاملة زينب بنت رضي الدِّين الغزي شقيقة والدي رحمهم الله تعالى - وكانت من العلماء - بقولها: [من السريع]


(١) رواه القشيري في "الرسالة" (ص: ٢٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>