للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال مالك بن دينار أيضًا: لولا سفهاؤكم للبست لباسًا لا يراني محزون إِلَّا بكى. رواه أبو نعيم (١).

وفيه تأييد لالتزام العالم زي العلماء، وكل واحد من أهل صناعة زيهم لئلا يجترئ السفهاء على ذوي المروءات؛ وهو نفيس.

وإذا كان زي السفهاء قبيحًا بالعلّماء، فتخلُّق العلماء بأخلاق السفهاء أقبح.

وقال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: إذا كان نهاري نهار سفيه، وليلي ليل جاهل، فما أصنع بالعلم الّذي كتبت؟ رواه ابن الجوزي في "صفة الصفوة" (٢).

وأشقى السفهاء من يسمي سفهه عقلًا، وجهله علمًا، ويستكمل رأي نفسه في ذلك، ويرى أن العقلاء والفضلاء والعلماء سفهاء لأنّه قد دلس على نفسه بما يروج سوقه، ولا يستحسن رأيه عند أهل النُّبل والكمال، ولو طمع أنّه يخفى عليهم، فلا ولله لا يخفى على الله تعالى حقيقة أمره، بل الله تعالى يهتك ستره، ويوضح للناس أمره، ألَّا ترى المنافقين حين أطلقوا اسم السفه على الصّحابة رضي الله تعالى عنهم كيف قلب الله لقبهم عليهم، ووسمهم بالاسم الّذي سمُّوهم به، فقال


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٣٧٥).
(٢) رواه ابن الجوزي في "صفوة الصفوة" (٢/ ٢٣٢)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>