للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

التشبه بالمجانين تارة يكون مذموماً لما يعود على المتشبه به كمن يحاكي المجانين في حركاتهم وسكناتهم، وأقوالهم وأفعالهم، وأحوالهم تهكُّماً واستهزاءً بهم، وهذا حرام لما فيه من الأذية وانتهاك الحرمة، وإن كان المجنون لا يتأذى بذلك في نفسه فقد يتأذى به قريبه أو صديقه، ولو كان عاقلاً فذكر ذلك له لتأذى به وتألم.

وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسُبُّوا الأَمْواتَ فَتُؤْذَى الأَحْياء" (١).

والمجنون لا أقل من أن ينزل منزلة الميت، بل هو أولى بأن لا يسب من الميت، فقد يعافى ويذكر له ذلك، فيتأذى به.

وقد سمعت بعض مشايخنا يقول: ما اعتاد أحد محاكاة المجانين إلا جن ولو قبل موته بيوم.

وفي الحديث: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" (٢)، وهو لا يحب لنفسه أن يحاكى، أو يسب.


(١) رواه الترمذي (١٩٨٢) عن المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>