للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي محجن بأذربيجان، أو قال: في نواحي جرجان، وقد نَبَتَ عليه ثلاث أصول كرم، وقد طالت وأثمرت، وهي معرشة على قبره، مكتوب على القبر: هذا قبر أبي محجن.

قال: فجعلت أتعجب، وأذكر قوله:

إِذا مِتُّ فَادْفِنِّي إِلَى جَنْبِ كَرْمَةٍ ... تُرَوِّي عِظامِي فِي الْمَماتِ عُروقُها (١)

وإنما استوفيت هنا أخبار أبي محجن رضي الله تعالى عنه بعض الاستيفاء لما في قصته من تهييج نفوس الرجال إلى آثار الرجولية في محازها؛ فإن الشجاعة والكرم من أفضل أحوال الرجال دون النساء.

نعم، لو أريدت المرأة على بُضْعها، أو على نفسها من قبل غير حليلها لشجعت، ودفعت عنها، فليس ذلك من الشجاعة التي تختص بالرجال، ولا تكون مذمومة منها.

وكذلك لو خرجت المرأة الكبيرة مع المجاهدين لمداواة الجرحى ونحو ذلك لم يضر؛ كما صح ذلك عن نساء الأنصار وغيرهن، وذلك حيث الضرورة، وأما الغالب فأحسن أحوال المرأة أن تكون بعيدة التشبه من الرجال؛ ألا ترى أن الشرع فرَّق بين الرجال والنساء في كثير من العبادات، ولذلك تضم أعضاءها في السجود، وتلصق بطنها بفخذيها،


(١) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٧٤٩ - ١٧٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>