للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاهات والوجاهات، ومن لباس الحرير، وافتراش الديباج، والركوب على مياثر الإِبْريسم، واستعمال آنية الذهب والفضة، وشرب الخمور، واتخاذ القَينات والقِيان، وغير ذلك مما تذهب لذته وتبقى تبعته؛ فإن هذه الأمور قد تكون سبباً لمحق الأعمار، وخراب الديار، وتعجيل الدمار، والسَّوْق إلى النار.

ولقد قيل: [من البسيط]

تَفْنَى اللَّذاذَةُ مِمَّنْ نالَ صَفْوَتَها ... يَوْماً (١) وَيَبْقَى عَلَيْهِ الإِثْمُ وَالعارُ (٢)

وفي "تاريخ الخلفاء" للسيوطي، وغيره: عن يحيى الغَسَّاني قال: نظر سليمان بن عبد الملك في المرآة، فأعجبه شبابه وجماله، فقال: كان محمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًا، وكان أبو بكر صديقاً، وكان عمر فاروقاً، وكان عثمان حيياً، وكان معاوية حليماً، وكان يزيد صبوراً، وكان عبد الملك سائساً، وكان الوليد جباراً، وأنا الملك الشاب، فما دار عليه الشهر حتى مات (٣).

فانظر كيف غر سليمان شبابه وسلطانه حتى ألحق نفسه في التمثيل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبخلفائه الراشدين، وأسقط اسم علي رضي الله تعالى عنهم منهم، ثم لوح لنفسه بطول المدة من حيث إنه في ريعان شبابه وفَورة سلطانه، وكان مماته أقرب شيء إلى ما تلفظ به.


(١) في "حلية الأولياء": "من الحرام" بدل "يومًا".
(٢) البيت لمسعر بن كدام، كما في "حلية الأولياء" لأبي نعيم (٧/ ٢٢١).
(٣) انظر: "تاريخ الخلفاء" للسيوطي (ص: ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>