للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه إشارة إلى أن من انطوى قلبه على السوء وصورته حسنة أقبحُ حالةً، وشرٌّ مكاناً ممن قلبه كذلك وصورته قبيحة؛ لأن صاحب الصورة الحسنة كفر نعمة لم يعطها صاحب الصورة القبيحة؛ فافهم! وروى الخرائطي في "مكارم الأخلاق"، وأبو العباس الدغولي في "الآداب" عن جرير - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إِنَّك امْرُؤٌ قَدْ أَحْسَنَ اللهُ خَلْقَكَ فَأْحِسْن خُلُقَكَ" (١)؛ أي: تحمل نفسك على حسن الخلق؛ فإن التخلُّق قد يأتي بالخُلق، وإلا فإن حسن الخلق لا يكون إلا من الله تعالى ومعونته كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ حَسَّنْتَ خَلْقِيَ فَحَسِّنْ خُلُقِي". رواه الإمام أحمد من حديث عائشة رضي الله عنها، وابن حبان في "صحيحه" من حديث عبد الله بن مسعود (٢).

ومعنى قوله: "فَحَسِّنْ خُلُقِي"؛ أي: زده حُسْناً.

أو: زدني من الأخلاق الحسنة.

أو: احفظ عليَّ حُسن خلقي؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - كما قال البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما: كان أحسن الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً. رواه الخرائطي، والبيهقي بإسناد حسن (٣).

وفي "صحيح مسلم"، و"شمائل الترمذي" عن أبي الطفيل رضي


(١) رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (ص: ٢٧).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٦/ ٦٨) عن عائشة رضي الله عنها.
وحسن العراقي إسناده في "تخريج أحاديث الإحياء" (١/ ٦٠٣).
وابن حبان في "صحيحه" (٩٥٩) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
(٣) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (١/ ٢٥٠)، وكذا البخاري (٣٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>