للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأَيْتُ العَقْلَ نَوْعَيْنِ ... فَمَسْمُوعٌ وَمَطْبُوعُ

وَلا يَنْفَعُ مَطْبُوعٌ ... إِذا لَمْ يَكُ مَسْمُوعُ

كَما لا تَنْفَعُ العَيْنُ ... وَضَوْءُ الشَّمْسِ مَمْنُوعُ (١)

قال الماوردي: واعلم أن العقل المكتسب لا ينفك عن العقل الغريزي لأنه نتيجة منه، وقد ينفك العقل الغريزي عن المكتسب فيكون صاحبه مسلوبَ الفضائل، موفور الرذائل كالأَنْوك الذي لا تجد له فضيلة، والأحمق الذي قل ما تخلو منه رذيلة.

قال: وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأَحْمَقُ أَبْغَضُ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ؛ إِذْ حَرَمَهُ أَعَزَّ الأَشْياءِ عَلَيْه"، انتهى (٢).

وقال الراغب: العقل الغريزي بمنزلة البصر للجسد، والمستفاد بمنزلة النور، كما أن البدن متى لم يكن له بصر فهو أعمى، كذلك النفس متى لم يكن لها بصيرة؛ أي: عقل غريزي فهي عمية، وكما أن البصر متى لم يكن له نور لا ينتفع به، كذلك العقل متى لم يكن له نور من العلم مستفاد لم تجد بصيرته.

ولذلك قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠].


(١) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: ١٦)، و"إحياء علوم الدين" للغزالي (١/ ٨٦)، وعندهما:
ولا ينفع مسموع ... إذا لم يك مطبوع
(٢) انظر: "أدب الدنيا والدين" للماوردي (ص: ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>