للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يعارض هذا قوله: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦]، وقوله {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: ٢٦، ٢٧]؛ فإنا نقول هذا باعتبار ما جُبِلت عليه الملائكة من الطَّاعة وعدم المعصية لخلولهم عن الشهوة، ثم دَرَجَ على هذا غالبُهم، كما جبلت بنو آدم على المعصية لتركيب الشهوة فيهم، وعليها درج غالبهم، كما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ بَنِيْ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِيْنَ التَّوَّابُوْنَ". رواه الإمام أحمد، وابن ماجه، والترمذي، والحاكم وصححاه، من حديث أنس رضي الله تعالى عنه (١).

ثم كون الملائكة عليهم السلام مجبولين على الطاعة، وعدم المعصية لا يمنع وقوع المعصية منهم على وجه الندور والقلة، كما أن كون بني آدم مجبولين على الخطأ لا يمنع حصول العصمة لبعضهم كما هي للأنبياء عليهم السلام، وإنما جاز وقوع المعصية من الملائكة عليهم السلام لتظهر الحكمة الإلهية، والسطوة العظموتية، ويتمحض الكمال لله تعالى، ويبدو عذر بني آدم في عصيانهم من حيث تركيب


= حديث مرفوع صحيح، متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب، فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى، والله أعلم بحقيقة الحال.
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٩٨)، وابن ماجه (٤٢٥١)، والترمذي (٢٤٩٩) وقال: غريب، والحاكم في "المستدرك" (٧٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>