للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشهوة فيهم، ويعلم فضلهم إذا عصوا وأطاعوا، بل لا مانع من حصول الزلة من خواص الملائكة، ولو أن تكون بخلاف الأولى؛ فإن ذلك زلة بالنسبة إلى مقامهم.

وقد صدر ذلك منهم حيث قال الله تعالى لهم {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} [البقرة: ٣٠]، فأدَّبهم الله تعالى بقوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠]، أي: من أن خلق آدم وذريته - وإن كان منهم العاصي والمفسد - أليق بالحكمة لتظهر مظاهر الأسماء الإلهية كالحليم، والستار، والعَفُوِّ، والغفور، والرحيم، والحَكَم، والعدل، والمقسط، والمنتقم، والكبير، والعظيم، ونحوها إلى غير ذلك من الأسرار الإلهية المستودعة في خلق الإنسان الذي به، وفيه لتظهر هذه المظاهر الإلهية، ولذلك أمر الله تعالى الملائكة بالسجود لأبي البشر بعد أن علمه {الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة: ٣١ - ٣٣]، أي: وأعلم ما كنتم تكتمون من أنكم معصومون، وكيف يخلق مع وجودنا في السماوات والأرض ونحن بهذه الصفة من يعصي الله، ويفسد، ويسفك الدماء، ففي ذلك تعريض بمعاتبتهم، كما قال شيخ الإسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>