للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدم يُضاعَفُ؛ الْحَسَنةُ بِعَشْرَةِ أَمْثالِها إِلَىْ سَبع مِئَةِ ضِعْفٍ، قالَ اللهُ - عز وجل -: إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِيْ، وَأَنا أَجْزِيْ بِهِ؛ يَدَعُ طَعامَهُ، وَشَرابَهُ، وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِيْ". رواه الأئمة مالك، وأحمد، والستة (١).

وأراد بقوله: "وشهوته": النكاح؛ لأنه أشار إلى شهوة الطعام والشراب أولاً.

وإذا كانت المباهاة للملائكة تكون بترك الشهوة الحلال في الصوم، فكيف بترك الشهوة الحرام إذا أمكنت؟ ومن ثَمَّ كان من دعته امرأة ذات حسن فقال: "إني أخاف الله" (٢) من السبعة المظللين يوم القيامة في ظل العرش، كما سيأتي.

بل الصبر عن كل معصية تدعو إليها الشهوة؛ كشرب الخمر، وطلب الدنيا بالطرق المحرمة، ينبغي أن يكون مخصوصاً ببني آدم؛ فإن الصبر كما قال حجة الإسلام: عبارة عن ثبات باعث الدين في مصادمة باعث الهوى (٣)، والملائكة خالون عن الشهوة والهوى، فلا يتحقق معنى الصبر فيهم.


(١) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ٣١٠)، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢٣٤)، والبخاري (١٨٠٥)، ومسلم (١١٥١)، وأبو داود (٢٣٦٣)، والترمذي (٧٦٤)، والنسائي (٢٢١٥)، وابن ماجه (١٦٨٣).
(٢) رواه البخاري (٦٢٩)، ومسلم (١٠٣١).
(٣) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (٤/ ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>