للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله تعالى في "رسالته": أنَّ أبا عثمان دعاه إنسان إلى ضيافته، فلمَّا وافى إلى باب داره قال: يا أستاذ! ليس لي وجه في دخولك وقد ندمت.

فانصرف، فرجع أبو عثمان، فلما وافى منزله عاد إليه الرجل، وقال: يا أستاذ! ندمت على ردك، وأخذ يعتذر، وقال: احضر الساعة.

فقام أبو عثمان ومضى، فلما وافى باب الرجل قال مثل ما قال في الأول، ثم كذلك فعل في الثالثة والرابعة، وأبو عثمان ينصرف ويحضر، فلما كان بعد مرات قال: يا أستاذ! أردت اختبارك، وأخذ يعتذر ويمدحه.

فقال أبو عثمان: لا تمدحني على خلق تجد مثله مع الكلاب؛ الكلب إذا دعي حضر، وإذا زجر انزجر.

ونقل القرطبي في "تفسيره" عن أبي يزيد البسطامي رحمه الله تعالى: ما علَّمني أحد ما علمني شاب من أهل بلخ قدم علينا حاجًّا، فقال لي: يا أبا يزيد! ما حد الزهد عندكم؟

فقلت: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا.

فقال: هكذا كلاب بلخ عندنا.

قلت: وما حد الزهد عندكم؟

قال: إذا فقدنا شكرنا، داذا وجدنا آثرنا (١).


(١) انظر: "تفسير القرطبي" (١٨/ ٢٨)، ورواه الثعلبي في "التفسير" (٩/ ٢٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>