للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعْتِصامُ الوَرَى بِمَغْفِرَتكْ ... عَجِزَ الواصِفُونَ عَنْ صِفَتِكْ

تُبْ عَلَينا فَإِنَّنا بَشَرٌ (١) ... ما عَرَفْناكَ حَقَّ مَعْرِفَتِكْ

ومن هنا تظهر لك الحكمة في طلب التوبة من جميع المؤمنين بقوله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١]؛ إذ لا يخلو المؤمن من تقصير في طاعة الله تعالى وغفلة عن ذكره.

ثمَّ هو في طاعته وذكره عاجز عن بلوغ حقه مقصر في طاعته، فكانت التوبة مطلوبة من كل واحد من المؤمنين في كل وقت من أوقاته، وحال من حالاته؛ ليكون تقصيره مستوراً وذنبه مغفوراً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَه".

رواه ابن ماجه، وغيره عن أنس - رضي الله عنه -، والطبراني، والحكيم الترمذي عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، والبيهقي، وابن عساكر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢).

فالتائب من التقصير كمن لم يقصر أصلاً، فلا يتم لمؤمن مقام إلا بالتوبة من تقصيره في ذلك المقام، وبالتوبة ينال العبد تمام المحبة من الله تعالى؛ لأنَّ العبد كلما كان كاملاً في عبادة الله تعالى كان إلى الله أحب، ولا يبلغ كمال العبودية إلا بالتوبة والتطهير من ذنب الغفلة والتقصير، ولذلك قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢].


(١) في "أ" و"ت": زيادة: "سبحانك".
(٢) تقدم تخريحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>