وفي تسمية النووي رحمه الله تعالى كتابه المشار إليه "رياض الصَّالحين" إشارة إلى أن الصالحين ترتاح قلوبهم، وتنشرح صدورهم للأعمال الصالحة المذكورة في هذا الكتاب، كما ترتاح القلوب وتنشرح الصدور في الرياض التي هي جمع روض، أو روضة، وهما البستان، وهذا كما شبه النبي - صلى الله عليه وسلم - حِلَقَ الذكْرِ بالرياض في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا مَرَرْتُمْ بِرِياضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوْا"، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال:"حِلَقُ الذِّكْرِ". رواه الإمام أحمد، والترمذي، والبيهقي في "الشعب" من حديث أنس - رضي الله عنه - (١).
وينبغي أن نسرح في هذه الرياض، وننتهل من أعذب الحِياض، ونذكر من شمائل الصَّالحين ما تنقاد له النفوس وترتاض، وتحيى به القلوب من الأمراض.
وقبل ذلك نذكر مقدمة لطيفة، وهي:
إن التشبه بالصالحين في هذه الأزمنة يشق على النفوس كثيرًا، فلا ينبغي للعبد أن يدع نفسه انتظاراً لفيئتها إلى الخيرة فمن النفوس الآن لا تكاد تنقاد إلى خير إلا بأعظم أنواع الزجر والتخويف، وأشد ألوان التوبيخ والتعنيف.
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٣/ ١٥٠)، والترمذي (٣٥١٠) وحسنه، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٥٢٩).